الماركات العالمية.. لمن استطاع إليها سبيلا 

عائـلات في رحلة بحث عــن ملابس لأبنائها 

استطلاع: سعاد بوعبوش

 ضعف النوعية، غلاء ونفس التصاميم.. هامش الاختيار محدود

تُسابق عائلات جزائرية الزمن من أجل اقتناء ملابس العيد لأبنائها استعدادا لعيد الفطر، حيث وجدت نفسها بين مطرقة الغلاء الفاحش خاصة مع تدّني القدرة الشرائية للمواطن البسيط، وسندان النوعية التي أصبحت في خبر كان ما قلّص الخيارات أمامها، ومنه من لجأ إلى اقتناء الملابس بالتقسيط أو الاقتراض، في حين نجت من الأرق والقلق من استبقت الحدث باقتنائها قبل حلول شهر رمضان.

«الشعب» قامت بجولة استطلاعية لها بعدة أماكن تجارية، بالجزائر العاصمة، تعد مقصد العائلات البسيطة أو حتى تلك المصنفة ضمن الطبقة الوسطى، على غرار ساحة الشهداء، الأسواق الجوارية الشعبية كسوق حي السوريكال بباب الزوار، بومعطي، باش جراح، مرورا بالمساحات التجارية الكبيرة المعروفة بأسعارها المعقولة كمول المحمدية، مركز «الربيع» بالمحمدية «لوبرانتو»، وبعض المحلات ببرج الكيفان وبرج البحري والرويبة، حيث رصدت نفس التصاميم والطراز والنوعية.
وتؤكد هذه الميزات المشتركة عدم وجود نشاط تجاري في الملابس لتقيد النقل إلى ما وراء البحار باعتبار أن أغلب التجّار يعتمدون على الاستيراد خاصة من تركيا، وفيتنام وبنغلاديش أو أوروبا في ظل غياب صناعة محلية ذات جودة تلبي ذوق الجزائريين، بسبب غلق الحدود وتوقيف عمليات التصدير وابقائها فقط على بعض القطاعات الحيوية لتفادي انتشار فيروس كورونا، بالإضافة إلى ما تجتهد في إنتاجه بعض وحدات وورشات الخياطة التي لا تستطيع تلبية الطلب الوطني سيما إذا ارتبط بمناسبة دينية كالأعياد.

 تخفيضات والبيع بالكلغ للتخلّص من المخزون..

يرجع الكثير من تجار الملابس بالعاصمة عدم دخول تصاميم جديدة إلى وقف عملية الاستيراد، وفيهم من وجد نفسه يبيع مخزون العام الماضي، وهنا نجد نوعين من المخزون فهناك نوع ما يزال صالح لموضة هذه السنة وحافظ تقريبا على نفس الأسعار، ومنهم من لجأ أصحابه إلى بيعه بالكيلوغرام في سابقة لم يألفها الجزائري بالمحلات الموجودة بكل من برج البحري والرويبة ومحلات الرغاية ما دفع الكثير من التجار الصغار أو المناسباتيين إلى شرائه وإعادة بيعه بالتجزئة، بل وحتى بمحلات شارع بن مهيدي، ببلدية الجزائر الوسطى.
من جهة أخرى، لجأت بعض المحلات إلى بيع مخزونها بأسعار أقل ما يقال عنها إنها في المتناول للتخلّص منها وعدم بقائها لتواجه الكساد على غرار العام الفارط، وعلى الأقل لإعادة تخفيف خسارته واسترجاع رأس ماله، وهو ما جعل محلاتهم تعرف إقبالا منقطع النظير من العائلات الضعيفة الدخل خاصة وأن أغلى لباس لا يتعدى 2000دج.
ويلاحظ أن هذا النوع من المحلات انتشر كثيرا في الآونة الأخيرة بسبب تداعيات الجائحة الصّحية، التي حتّمت على التجار تطوير نشاطهم والتكيّف مع المستجد لضمان الاستمرارية وعدم الزوال وفقدان قاعدتهم التجارية، التي تعدّ أساس نشاطهم الوحيد الذي يسّد رمق عائلاتهم.
وتتواجد هذه المحلات بكثرة بشرق العاصمة بحكم انتشار الأحياء الشعبية والقديمة بهذه الجهة مقارنة بالجهة الغربية والوسطى، وكذلك الأمر بالنسبة للكثافة السكانية خاصة مع عمليات الترحيل الأخيرة التي عرفتها، ما جلب معها كثير من السكان الجدُد.

... النوعية المفقود الأكبر

في المقابل تطرّق بعض التجار بسوق سوريكال حي 08 ماي 45، باب الزوار إلى نقطة حالت دون دخول ملابس جديدة هذا العام وبالنوعية المطلوبة، حيث يؤكد التاجر أمين أنهم لجأوا لطلب طلبياتهم من تركيا مثلا أو الصين أو الهند عن طريق الأنترنت، غير أنهم بمجرد وصول الحاويات -التي تأخرت أصلا عن وقتها المحدّد بسبب تقييد إجراءات النقل عبر المجال البحري والجوّي والبري- وفتحها تفاجأوا بأن النوعية التي وصلتهم ليست هي نفسها المطلوبة ودفعوا نفس السعر ما حتّم عليهم بيعها بنفس السعر أيضا، وهو ما جعل كثير من العائلات تشعر بغلاء القطع المقتناة.
وأرجع المتحدّث ذلك إلى أن تجّار الدول الموردة للملابس إلى الجزائر اغتنموا فرصة عدم قدرتهم على السفر لمعاينة الطلبيات المراد شراؤها وقاموا بإرسال سلع غير مطابقة للشروط المتفق عليها، وهو ما وضعهم في أزمة حقيقية بين بيعها وتعويض الخسارة التي طالتهم بسبب الركود الاقتصادي التي تسببت فيه الجائحة، أو التخلص منها، وهو الأمر غير المتاح، لأنهم وضعوا كل رأس مالهم في هذه التجارة التي وصفها بـ «العرجاء».

..علامات  تستقطب الزبائن

من جهة أخرى، لجأت بعض العلامات العالمية إلى تخفيض الأسعار على الملابس التي طرحتها بالمراكز التجارية الكبيرة كـ «أرديس» ومركز التسلية والترفيه باب الزوار، حيث عرفت أروقتها إقبالا كبيرا من العائلات الجزائرية بعد أن ضاقت من التجوال بحثا عن قطع جميلة ترضي ذوقهم وتتماشى مع المناسبة وتظهر أبنائهم في أجمل حُلة.
وتراوحت أسعار القطع المعروضة بمحلات اللامة الفرنسية «كيابي» والتركية «واي كيكي» بين 2500 دج إلى 6 آلاف أو 7 آلاف دج، بحيث ترتفع وتنخفض بحسب القطعة المراد اقتنائها، كما أن الملاحظ في كل هذا غلاء ألبسة الأطفال خاصة الموجهة للفتيات فلا يقل فستان جميل بكامل إكسسوارته عن 5 آلاف دج، وهو السعر الذي يرتفع مع ارتفاع الفئة العمرية المعنية.
في حين تبقى باقي المحلات الحاملة لعلامات عالمية أخرى على غرار «زارا» «بولو» «سيليو»، «لوفيان»، تمبرلاند»، «جاك مان»، «إيدن بارك» شبه فارغة ولا يرتادها، إلا من جيبه مملوء من الطبقة الغنية وكأنها تشير من بعيد «ممنوع اللّمس»، أو «ممنوع الاقتراب إذا لم يكن جيبك مملوءا.»
ونفس الأمر بالنسبة للأحذية بما فيها الرياضية، فالحديث عنها يطول فالعادية منها لا يقل سعرها عن 2500دج، أما
العلامات المعروفة والمحبوبة لدى الأطفال والمراهقين والشباب كـ «نايك»، «ريبوك» «أديداس»، «غريدر»، «نيوبالونس»، «كلاركس»، «كونفارس» وغيرها، فهي في «حكم لمن استطاع إليها سبيلا»، ولعلّ هذا ليس بالمبالغ فيه إذا قورنت بضعف القدرة الشرائية للمواطن التي هي في مستويات متدّنية بسبب تدّني قيمة الدينار الجزائري.

منتوج غرداية  يصنع الحدث

في مفارقة لم نعتد عليها صنعت الملابس المنتجة بورشة بغرداية الحدث خاصة تلك الموجهة للأطفال الصغار ما دون سن الخمس سنوات، حيث وجد فيها المواطن البسيط ضالته رغم قلته من حيث الجودة والسعر المعقول، فأغلب القطع المطروحة من نوع قطني أو قماش ذو جودة عالية.
جمال هو أحد تجار الملابس بالسوق الجواري لسوريكال، اعتاد التعامل مع ورشة الخياطة بغرداية، منذ 5 سنوات بعد أن قادته الصدفة إليها، حيث أصبحت طلبياته من الملابس تقريبا كلها تأتي من عندها، إلى جانب القطع المستوردة من تركيا، موضحا أن الاقبال الكبير عليها بسبب نوعيتها وسعرها المعقول الذي يتوافق مع جيب «الزوالي» هو السبب الحقيقي الذي يقف وراء استمرار التعامل معها، وهو ما لم يجعلها عرضة للكساد حتى في عزّ الأزمة الصّحية.

...البيع عبر الأنترنت

على غرار السنة الفارطة لجأت الكثير من المحلات التجارية إلى الترويج لسلعها عبر الأنترنت، من خلال صفحات خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي سيما «الفايسبوك»، وهو ما شجّع الكثير من ربّات البيوت والأمهات العاملات إلى الطلب عبر الأنترنت أيضا، بعد الاطلاع على مختلف القطع المعروضة والتصاميم والألوان.
وبالفعل وبمجرد الاستقرار على قطعة معينة يتم الاتصال على الرقم الموضوع بالصفحة لتأكيد الطلب أو عبر خدمة الماسنجر، ليتم ارسالها للعنوان المتفق عليه عن طريق الموّزع الذي يتنقل في العادة على دراجة نارية باعتبارها الأسرع والأحسن في الهروب من زحمة السير، في حين يكون الدفع مباشرة بعد الاستلام.
وفي حال عدم توفر القطع المطلوبة يقوم صاحب المحل بعرض أنواع أخرى ربما لا تكون معروضة في الواجهة الأولى للصفحة، ومحاولة اقناع الزبون بالبديل وفي حال تم الاتفاق يتم اعتماد نفس الطريقة المذكورة، فالمهم إرضاء الزبون وضمان بيع السلع المتبقية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024